اجتناب المحرمات يحمي الإنسان من الأمراض الفتاكةالإسلام ربط بين الطعام والعبادة
اجتناب المحرمات
ولأحكام الشريعة الإسلامية وآدابها في الطعام والشراب تأثيرها على الصحة النفسية للفرد والمجتمع، وبيّن لنا ذلك الأستاذ محمد شريف الصواف ( دبلوم في العلوم الزراعية - إنتاج حيواني- وماجستير في الفقه المقارن ) إذ قال: "إن الإسلام جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويهديهم صراطاً مستقيماً ويرشدهم سبيل السعادة وطريق الفلاح. قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) [سورة النساء: 4/174-175].شرع الله تعالى للإنسان ما يضمن له حياة سعيدة، فحماه مما يضره، وأمره بما ينفعه، والله تعالى أعلم بما يصلح للإنسان وبما يضره، فهو الخالق العليم الحكيم الخبير، ومن كانت هذه صفاته فهو أحق بالطاعة، قال تعالى: ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) [سورة الملك: 67/14].
.
وقد ذكر الله تعالى الخبائث التي حرّمها على الإنسان في قوله: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [سورة المائدة: 5/3].
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلِّ ذي نابٍ وكل ذي مخلب. ونهى عن أكل الجلاَّلة وألبانها. والجلاَّلة هي التي تتغذّى بالفضلات والنجس، كل ذلك حرصاً من الله ورسوله على صحة الإنسان النفسية والجسدية، والعلم اليوم يؤكد هذا التحريم، ويبيِّن الخطر الكبير، بل القاتل الذي ينتج عن تناول هذه الأطعمة واستعمالها، وما جنون البقر، وانتشار الحمَّات إلا إحدى نتائج الابتعاد عن هذا النهج، وهذه الشريعة، فقد أكّد العلم المخبري اليوم أن أهم أسباب ظهور جنون البقر والحمَّات والسرطانات استعمال الدم والمواد النجسة وبقايا الحيوانات الميتة في تغذية هذه البهائم التي خلق الله لها غذاءً طاهراً نقياً، وأرشدها إليه بالغريزة التي جعلها فيها.
وحرّم الإسلام الخمر لما فيه من أضرار جسدية وأخلاقية واجتماعية. أما الأضرار الجسدية فقد صدرت الدراسات العلمية التي تثبت ضرر الخمر على القلب والكبد والجهاز العصبي وخاصة الدماغ بما لا مجال للشك فيه.
كما أنها سبب للكثير من المشكلات والخلافات والتعدي على الأعراض والأموال ونشر الفوضى في المجتمع، قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) [سورة المائدة:5/91].
ونهى الله تعالى عن الإسراف في الطعام والشراب تنبيهاً إلى الضرر الكبير الذي ينتج عن الإسراف، فقال سبحانه: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) [سورة الأعراف: 7/31].
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه"، وقيل: "المعدة بيت الداء". وكلنا يعرف اليوم ما تعانيه المجتمعات الغنية من أمراض التخمة، وسوء التغذية، والإسراف في الطعام.
وقال صلى الله عليه وسلم : "بحسب ابن آدم لقيمات يُقِمْنَ صُلبه" وعلماء التغذية اليوم يؤكدون حاجة الإنسان إلى الغذاء أقل بكثير من الكمية التي يتناولها في وجباته المتخمة المليئة بالفضلات الغذائية التي ترهق الجسم، وتشغل الفكر.
ولقد نظر الإسلام إلى الإنسان نظرة متكاملة، فاهتم بإصلاح جسده كما اهتم بإصلاح نفسه، وأخلاقه، وبين أن للجسد تأثيرا كبيرا على روح الإنسان وعقله، فالجسد الصحيح النشيط، المعافى صاحبه متيقظ العقل والروح، والجسد الخامل المريض صاحبه ثقيل الروح خامل العقل والفكر.
فإذا التزم الإنسان بنظام الغذاء الإسلامي القائم على أسس سليمة وهي: ( تحريم الخبائث، تحليل الطيبات، اجتناب الإسراف، الشعور بالمنعم والشكر على النعمة) وقى نفسه من أمراضٍ فتاكةٍ وآفات قاتلة، وارتقى بفكره ونفسه وشاعت الصحة والسلم في المجتمع.".
مجتمع معافى
وقد سعى الإسلام من خلال أحكامه إلى تأمين حياة اجتماعية صحية تساعد على تكوين أسرة سليمة من خلال ما سنه من أمور الزواج والتي تؤمن وفرة الصحة، فصحة المجتمع تؤمن أيضاً صحة الفرد، والزواج الذي حثَّ عليه الإسلام كما يقول في ذلك الأستاذ محمد غسان الجبّان: "هو من سنن الأنبياء، فقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره في بناء المجتمع السعيد المعافى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء" أي وقاء.ولقد اشترط الإسلام لصحة عقد الزواج القبول والإيجاب وموافقة الولي وشاهدي عدل ومهر، وكلّف الرجل بالقوامة على النساء قال تعال في كتابه :{ الرِّجَالُ قَوَّامونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بعضهم على بعض} [ سورة النساء: 4/34]. وذلك من أجل أن تستقيم شؤون الأسرة والمجتمع على الوجه الأمثل بعيداً عن الفوضى والاستهتار والتخلي عن المسؤوليات، ما يؤمّن الصحة النفسية لحياة أفراد الأسرة ويوفقهم لما فيه خير العائلة.
ولقد اعتنى الإسلام بالمرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً". وحضَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على كفالة اليتيم فقال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة". وفرضت الزكاة لمحاربة الفقر والجوع والبؤس والحرمان ولسد حاجات الفقراء والمساكين ولرعاية اليتامى وأبناء السبيل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي ساعة من نهار من أمسى شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ".
وأمر الإسلام ببر الوالدين وصلة الرحم ونصرة المظلوم، ووصى بالجار والإحسان إليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه".
كل ذلك حرصاً على بناء مجتمع يشيع فيه الحب والأمن والسلام والتعاون بين أبنائه على حياة سليمة معافاة
Reviews:
إرسال تعليق